"كان شعرها الكثيف البياض، وجسدها شديد النحول. رأتهم وهم يسكبون الماء على جسدها قبل أن يلفُّوها بالكفن، بعدها ينثرون العطور وينصرفون، دون أن يصرخوا أو يبكوا أو حتى يلبسوا ثياب الحداد. كانوا قد أعلنوا عن موتها قبل ذلك بكثير، من يوم أن أدخلوها هذا البيت وأغلقوا النوافذ والأبواب، وانسحبوا غير منتبهين إلى صراخها، وقالوا: "مسكينة" ثم تحاشوا ذكر اسمها. رجعوا سريعاً إلى بيوتهم، لكن "هند" منذ ذلك الحين تأتي إليهم. أول مرة شاهدوها وهي تركض في الفناء، كانت مهرة ناعسة على حجر النجدية، وهي تحكي لها حكاية "السُّهى" تلك الظبية التي ركضت في السماء، ولأنها تركت وليداً صغيراً على الرمال لا يعرف كيف يهرب من صيَّاده، تركت له نقراتها المضيئة نجوماً تتنبأ بمواضع الخطر".
"يفتح مشهد "نقرات الظباء" على صورة العائلة التذكارية، وتنساب الذكريات حاملة عبق زمن قديم، وتنسال الصور صورة اثر صورة، وتتالى من ثم أحداث وشخصيات رسمتها الروائية بدقة وحذر لتحاكي بوصفها الواقع. ذاك الواقع الذي أترعته الكاتبة بخيالات لطيفة جميلة يَنْشَدّ إليها القارئ متابعاً تذكارات الراوية إلى الحرف الأخير بشغف وبنهم لمعرفة الكثير عن عادات وتقاليد قبائل الحويطات وهوارة وجهينة، وليدور أكثر مع دوامات رمال صحراء بعيدة، لها في الخيال مطارح وفي النفس ألف سؤال وسؤال."
الطبعة الأولى 2003
نوع الغلاف : عادي
الحجم : 21 × 14