الافتتاحية:
هناك جدلیات حول المفهوم الاصطلاحي لكل من مفهوم الثقافة ومفهوم الحضارة، فهل يعنيان بعضهما أم يحمل كل منهما سياقا مغايرا ؟ بالتأكيد وحين تعود إلى عمليات التجذير لكل منهما فسنجد مدى التباين والالتقاء، لكن بصورة عامة وفي إطار الصورة الذهنية الجمعية تبدوان الثقافة والحضارة ضمن مسار مؤتلف قادني هذا التقديم إلى ملف المجلة العربية في عددها الحالي حول التعامل والفعل الإنساني حيال المعطى الطبيعي، حيوانا ونباتا ومسطحات مائية بما تحويه من أحياء نباتية وحيوانية ومقدرات بيئية، فهل العناية بها سلوك ثقل أم مظهر حضاري، والواقع أنه مزيج من النشاط الثقا2 والهوية الحضارية، وبهما يقاس المدى الحضاري والثقافي الحقيقي لأمة أو شعب أو وطن. المتخصصون يتحدثون عن نسب تلوث قد تهلك الحرث والنسل على مدى السنين جراء التغول الإنساني على معطيات الطبيعة، يليها مناداة المعنيين بحقوق الكائنات الحية على كوكب الأرض، ثم ليس آخرا الأصوات الإنسانية الفطرية التي تطالب بحفظ الجمال الطبيعي من حيوان ونبات و مائيات التراه عين الإنسان وتأنس به روحه. وفي هذا السياق تبرز محاولات عالمية وعربية جديرة بالاحترام والتقدير، منها مثلا ما بادرت إليه المملكة العربية السعودية بإقرار عدد من المحميات الملكية تعميقا وتعميما لمفهوم ثقافة البيئة والطبيعة، مستتبعة هذه الخطوة بإطلاق مبادرة السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، ناهيك عن الاتجاه التصنيعي نحو غاز الهيدروجين الأخضر الصديق للبيئة. تبقى الإرادة الفردية لدى كل إنسان على هذه الأرض في النهوض بدوره تجاه الطبيعة والبيئة وما عليها من كائنات ومقدرات، وهذا ما لن يجدي أي فعل رسمي دون استجابة واعية وفاعلة وحقيقية لدى الأفراد، ولهذا يعود أمر تقدير المعطي البيئي ورعاية الحقوق الطبيعية إلى مستوى الثقافة التي تعبر عن إطار الحضارة لدى الأفراد والشعوب والأمم والدول. فأهلا بكم إلى ملف المجلة العربية حول ثقافة البيئة والطبيعة.
تقرأ في هذا العدد: